الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

قضية ريهام سعيد وسمية (فتاة المول)

المشكلة الأساسية في قضية ريهام سعيد وسمية (فتاة المول) ليست مشكلة انعدام عاطفة ريهام وقلة أخلاقها وقدرتها التي لا تصدق على سرقة صور فتاة وفضحها أمام العالم، فقد علمتنا هذه الحياة أن شرور الناس لا تنتهي وستستمر مع استمرار الحياة.. ولكن المشكلة الأساسية هي ما تُسمى بـ"ثقافة الإغتصاب"..
ثقافة الإغتصاب تعني، من بين عدة أشياء، جعل التحرش والإغتصاب فعلاً طبيعياً وسوياً، وهذا لا يعني بكل تأكيد أن هذه الثقافة تشجع الإغتصاب بشكل ظاهري وصارخ وتدعو إليه، ولا يعني أننا نشترك بشكل جماعي في العنف الجنسي، بل يعني أن الإغتصاب والتحرش الجنسي أصبح معذوراً أو متحملاً أو مهملاً أو حتى قليل الأهمية بحيث يتم سرد النكات حوله، وهذا كله بسبب انطباعاتنا المغروسة فينا منذ الصغر عن الجنس والجنسانية. من أهم مظاهر ثقافة الإغتصاب هو لوم الضحية بدلاً من الجاني، بسرد أعذار واهية مثل: "ما حد قالها تروح المهرجان"، "كانت لابسة أحمر وضيق"، "ليش تحضري مباريات كرة؟"، "شوفوها تمشي بميوعة"، "المكياج مرة ثقيل"، "أصلاً هي تشرب وتروح بارات"، "ليش طالعة متأخر في الليل؟" وغيرها من الأقوال التي تعفي الجاني والمغتصب والمتحرش من إرتكابه للجرم وتلوم الضحية على أفعالها.

هنا مجموعة تعليقات جمعتها من الفيديوهات التي تتحدث عن قضية ريهام سعيد وسمية في بحث لم يأخذ أكثر من خمس دقائق، لأبين مدى تفشي هذه الثقافة:

- البنت دي [يقصد الفتاة التي تم التحرش بها] برضو شكلها أصلاً زبالة وعاملة نفسها بنت ناس
- دى بت تستاهل الى يحصل فيها دين ام شكلها بتقول انها شمال
- اما يكون بلطجي كل اللي حصل عادي وطبيعي
-  والله ريهام سعيد محترمه جداً والبنت عاااااهره بامتياز تبغى اي احد يتحرش فيها وخلاص هههههههههه يبدو كانت فايره مررره ولحقت المسكين الرجال. الله يفضحك اكثر واكثر يا منحطه اتفووووووو
- انتوا ليه متعاطفين مع سميه دي باين عليها قويه ومفتريه شوفوا اسلوبها وهي تتكلم واصلا مالو داعي تطلع في برنامج عشان قصة مول اي بنت تتعرض لها وبنت الناس هي اللي تطنش وخلاص تمشي يمين مو تروح تفضح نفسها وتعمل قصه

قد يقول أحدهم أن هذه التعليقات تعبر عن رأي أصحابها فقط وأن معظم الناس لا يفكرون هكذا، ولكن الأمر لا يقتصر فقط على مجموعة تعليقات في اليوتيوب بل يتعدى ذلك إلى ممارسات يومية. لكم أن تتخيلوا كم البوسترات والنكات والكاريكاتيرات التي تتحدث عن عفة الفتاة وعن ضرورة لبسها للعباءة وعن الرجال الذئاب.. الخ الخ!

أسرد هذا الكاريكاتير المنشور في صحفنا على وجه المثال ولست أقصد شخصنة الموضوع أو النيل من الراسم.
لو تصورت الفتاة مع المشاهير، لو لبست القصير، لو شربت، لو فعلت ما لا يقبل به دينك وعرفك، فذلك كله لا يعني أنها ستقبل بالتحرش.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق