السبت، 17 نوفمبر 2012

AlShaatha's Film Life in a Week

I've watched several films this past two week which made me overwhelmed by either its beauty, or depression.

I've discovered this YouTube channel, which has all the films of the great Swedish director Ingmar Bergman:
http://www.youtube.com/user/StarratEnterprise

His films address several issues of philosophy, faith, human psyche, death, and insanity. Pretty intense & deep. His films are not made to enjoy, they're made to make you think for several days ahead.

I wrote about one of his films; "Persona", here:
http://alshaatha-films.blogspot.com/2012/08/1966-1966.html
(although now when I read the article, I find it missing so many points)

The ones I watched this week or the week before are listed below (& I highly recommend each one of them, you may find them in the channel above) :

Wild Strawberries: about an aging doctor, reminiscing his past life.

Cries and Whispers: about a woman dying of cancer, surrounded by her cold two sisters, and a kind maid. This film is frightening, not horror kind of frightening. It's depressing, but genius. Two friends of mine watched it after my recommendation, and they were basically like: I hate you Sha3tha for making me watch this, but I'll go watch some more Bergman films right now.

Shame: about two married couples escaping the horror of war, and how it changed their lives and characters.

Through a Glass Darkly: the first film of Bergman's "Faith Trilogy", about a woman suffering of schizophrenia, and her perception of God. She's surrounded by her father, husband, and brother. Those 4 characters are the only people in the film. The film has allusions of two great works of literature: Dostoyevsky's Crime & Punishment, and Charlotte Perkins Gilman's famous short story "The Yellow Wallpaper".

_____

After this, I was like, I should really give myself a break from Bergman. I watched a film of another great director, the French director Jean Luc Godard. I watched his famous film "Vivre sa Vie", or "My Life to Live", starring the beautiful Anna Karina (I'm taken by her beauty, and I'm jealous lol). The film is about a young lady wanting to be a singer, but the needs and toughness of life leads her to being a prostitute. Here's a beautiful scene from the film with a great musical score:
http://www.youtube.com/watch?v=0DLKRV8isl8

_____

Yesterday, I watched a beautiful film by the famous Polish director Krzysztof Kieslowski. He's famous of his "Three Colors Trilogy", but I watched "The Double Life of Veronique". I'm overwhelmed by the beauty of this film. I tweeted about it the whole day today. It's about two women, a Polish choir soprano, and her double a French music teacher. They're living in two different countries, and know nothing of each other, but they feel there is a connection between them. The film is brilliant, and it's definitely in my top 5 favorite films. Here are my two favorite musical scenes:

The Puppet show: http://www.youtube.com/watch?v=TEVlDb43v-4
The opera concert: http://www.youtube.com/watch?v=Q7EMSEnMnKg

_____

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

"أين منزل الصديق؟".. مغامرة طفولية في عالم الكبار



بطاقة الفيلم:أين منزل الصديق (1987)
اللغة: الفارسية
إخراج: عباس كيارستمي
بطولة: بابك أحمد بور، أحمد أحمد بور
الجوائز والترشيحات: فاز بجوائز من مهرجان فجر للأفلام ومهرجان لوكارنو العالمي

لطالما كانت الأفلام الإيرانية موضع إعجاب بالنسبة لي، وأستخدمها كأمثلة في كثير من الحوارات على إمكانية الإبداع على الرغم من قلة الدعم والتقييد الرقابي. مخرج فيلم اليوم عباس كيارستمي من أشهر المخرجين الإيرانيين، إذ حصد على إشادة عالمية لعدد من أفلامه، ومن أبرزهم ثلاثية الكوكر (التي يعتبر فيلم "أين منزل الصديق" جزءها الأول)، ورائعته "طعم الكرز" التي أوصلته إلى الشهرة العالمية، وفيلم "ستحملنا الريح". يعتبر عباس كيارستمي من بين المخرجين الإيرانيين الذين أخرجوا أفلاماً في المدرسة السينمائية "الموجة الجديدة الإيرانية"، التي تتميز بشاعريتها وتصويرها للحياة اليومية مع رسائل سياسية وفلسفية. وقد عُرف عن عباس استخدامه لأبطال صغار ولتصويره أفلامه بطابع وثائقي، كما أنه أحب التصوير في القرى والمناطق الريفية.

يتسم فيلم "أين منزل الصديق" بكل هذه الصفات بالإضافة إلى بساطة الفكرة وعمق المعنى. أحمد ومحمد، زميلان في صف المدرسة الابتدائية. يوبخ المعلم محمد لأنه لم يكمل كتابة الواجب ويهدده بالطرد من المدرسة في حال تكرر الأمر. يرن جرس الطلقة، ويركض الأطفال عودة إلى منازلهم، وفي خضم الفوضى تسقط كراسة محمد على الأرض وهو غير منتبه لها، ويلتقطها أحمد ظناً منه أنها كراسته لتشابه الكراستين. حين يصل أحمد إلى المنزل، يكتشف أنه أخذ كراسة محمد ويعتزم إرجاع الكراسة لأنه يعلم عاقبة عدم كتابة الواجب إذ قد يؤدي إلى طرد صديقه من المدرسة. ولكن أمام أحمد عائقين، فهو لا يعرف على وجه الدقة أين منزل صديقه الواقع في قرية مجاورة، وتمنعه أمه من الذهاب لإرجاع الكراسة بحجة أن لديه أعمال منزلية أكثر أهمية من ذلك. ولكن يغتنم أحمد الفرصة حين تبلغه أمه بأن يذهب إلى المخبز ليشتري الخبز للمنزل، وينطلق بكراسة محمد إلى القرية المجاورة بحثاً عن منزل صديقه. وهكذا تبدأ مغامرة طفولية في البحث عن منزل الصديق تتضمنه لقاءات عدة بأشخاص في الطريق.

ينتقد الفيلم السلطات المختلفة عبر تصوير البالغين في الفيلم وردات فعلهم مقارنة بردة فعل الطفل أحمد. فمن جهة يمثل المعلم دور الشخص الذي يريد تأديب وتهذيب الأطفال عبر اتباع القوانين المشددة، ليشعر بسيادته وعليته على الأطفال. صوّرت المدرسة في الفيلم على أنها مؤسسة تود إخراج أطفال منصاعين ومذعنين إلى السلطة، وكأنهم لا رأي لهم أو كأنهم قطيع يُقاد بالعصا. ومن جهة أخرى، بيّن الفيلم تعابير الحزن والشفقة التي طغت على وجه أحمد حين كان المعلم يوبخ صديقه، فهنا صورتين متضادتين أراد كيرستامي أن يبينها للمشاهد. أما في المنزل، فهناك دور الأم والجد الذان يمثلان أيضاً صوت السلطة العليا إذ يريد كليهما لأحمد أن يرضخ لأوامرهما وإن بدت غير معقولة بالنسبة لعقلية الطفل الصغير. يرى الجد أن الأطفال يجب أن يعاقبوا بالضرب على الأقل مرة كل أسبوعين، وإن لم يفعلوا شيئاً يستحق الضرب، وذلك لتهذيبهم وتربيتهم على تحمل الألم ليكبروا ويصبحوا رجالاً أقوياء. هذه النظرة التربوية التقليدية سواء من البيت أو المدرسة تقابلها النظرة الطفولية المحبة لأحمد في كل المواقف، فكأن المخرج يريد القول أن الأمل في مستقبل أجمل للبلد يتمثل في هؤلاء الأطفال وهذا الجيل الجديد الذي لا يخاف العقاب من أجل مساعدة الأصدقاء، هؤلاء هم من سيقتحمون دائرة طغيان السلطات العليا ويغيرونها.

فيلم "أين منزل الصديق" من ضمن أعلى 10 أفلام في قائمة "50 فيلم يجب عليك مشاهدته حين تكمل الرابعة عشر من العمر" التي صنفتها معهد الفيلم البريطاني بمساعدة 70 خبيراً سينمائياً، وذلك إلى جانب أفلام عظيمة مثل فيلم "سارق الدراجة" الذي تحدثت عنه في مقالة سابقة، وفيلم "الضربات ال400" لفرانسوا تروفو، وفيلم "ساحر أوز". وهذا يبين مدى أهمية الفيلم تعليمياً وتربوياً للأطفال، بل وحتى للبالغين بنظري.



وصلات خارجية/
http://www.youtube.com/watch?v=k2MGF0beImE
الفيلم كاملاً لمن يود مشاهدته..
__________

نُشر المقال في جريدة الرؤية، صفحة سينما، بتاريخ 3، أكتوبر، 2012

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

"سارق الدراجة".. الفرح المختلس في زحمة القلق والضياع


بطاقة الفيلم:
سارق الدراجة (1948)
اللغة: الإيطالية
إخراج: فيتوريو دي سيكا
بطولة: لامبيرتو ماجيوراني وإينزو ستايولا
الجوائز والترشيحات: حاز على جائزة أوسكار فخرية عن فئة أفضل فيلم أجنبي، وفاز أيضاً بجوائز عالمية عدة مثل جائزة البافتا وجائزة الكرة الذهبية، والجائزة المميزة لهيئة المحلفين في مهرجان لوكارنو العالمي، وغيرها من الجوائز والترشيحات.

هو دائماً حاضر في قوائم أفضل فيلم لجميع محبي الأفلام والنقاد السينمائيين، وقد حصد على جوائز عالمية عديدة من بينها جائزة الأوسكار الفخرية، ويُعتبر من أبرز ما قدمته السينما الإيطالية متمثلة في المدرسة الواقعية الجديدة، كل هذا بقصة من أبسط ما يكون: رجل يجول في أنحاء روما مع ابنه الصغير باحثاً عن دراجته المسروقة ليضمن عمله. ما الذي يجعل هذا الفيلم استثنائياً؟!
فيلم "سارق الدراجة" من إخراج فيتوريو دي سيكا، رائد المدرسة الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية. انتشرت المدرسة الواقعية الجديدة في أنحاء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ولكنها شكلت نجاحاً ملموساً في إيطاليا بالذات وقد نالت شهرتها العالمية على يد عدد من المخرجين الإيطاليين البارزين من أمثال لوتشانو فيسكونتي وفيتوريو دي سيكا وبازوليني وروسيليني وغيرهم. وقد جاءت كردة فعل على آثار الحرب الاجتماعية والنفسية المدمرة في إيطاليا وهدفها الرئيسي هو إبراز معاناة الشعب والطبقات الفقيرة في المجتمع. تقوم المدرسة على عنصرين مهمين في الإنتاج، وهما: التصوير في الشوارع والأحياء الفقيرة بدون استخدام الاستوديو (وقد كان ذلك في البدء بسبب خراب الاستوديوهات السينمائية بعد الحرب)، واستخدام طاقم تمثيلي غير محترف، وهذا ما نراه في الفيلم حيث أن الممثل الرئيسي الذي يقوم بدور الأب الباحث عن دراجته المسروقة لامبيرتو ماجيوراني هو في الحقيقة عامل مصنع، والتي تقوم بدور زوجته هي صحفية أرادت عمل مقابلة مع فيتوريو دي سيكا، والولد الصغير الذي يقوم بدور الإبن تم اختياره من بين حشد من الصيبة تجمعوا في الشارع لمشاهدة تصوير الفيلم – وهذا أحد عوامل الدهشة في الفيلم لأن تمثيل الأب والإبن متقن ومقنع حد الإعجاب.
يفتتح الفيلم بمشهد لمنادٍ في شوارع روما يعرض عملاً وتجمع حشد من الباحثين عن عمل حوله. يقول المنادي أنه لديه حالياً عمل واحد فقط وهو توزيع ملصقات في شوارع روما، والمتطلب الوحيد لهذا العمل هو أن يكون لدى المتقدم دراجة. فيصرخ بطلنا آنطونيو ريتشي "أنا لدي دراجة"، ويُقبل للوظيفة. ولكن دراجته في الحقيقة مرهونة، وعندما يرجع إلى المنزل ويخبر زوجته ماريا، تقرر ماريا أن ترهن شراشف الأسرة في مقابل الدراجة، وبالفعل يذهبان معاً إلى المسترهن وهناك يرى المشاهد إحدى المشاهد القوية في الفيلم – غرفة بها رفوف طويلة مكدسة بالملاءات والشراشف المرهونة. كم عائلة رأت أن الشراشف من الكماليات فوضعته في الرهن مقابل الطعام؟ وهكذا يذهب ريتشي إلى أول يوم عمل ليلصق الملصقات في جدران روما، ولكن تُسرق دراجته أثناء عمله وتبدأ رحلته في أرجاء المدينة بحثاً عن سارق الدراجة.
فيلم "سارق الدراجة" مليء باللحظات الحميمية التي تمس المشاهد وتجعله يتفاعل مع الفيلم بشكل كبير، فتراه مرة يضحك ومرة يبكي، وفي كل الأحوال فهو يشاهد الفيلم قلباً وروحاً ويظهر كافة أنواع المشاعر المختلفة – وهذا من سحر الفيلم الذي جعله محبباً للجميع. في إحدى المشاهد، وفي لحظة يأس انتابت الأب وابنه، يقول الأب لابنه: "ستعيش وتتعذب... أتريد قطعة بيتزا؟!" فيقرران معاً الذهاب إلى مطعم لأكل البيتزا والتلذذ به. يقرب الابن قطعة البيتزا إلى فمه، ويقضمها، ثم يسحبها فيتكون خيط من جبنة الموتزاريلا بين فمه وقطعة البيتزا، والذي يتلذذ الإبن بسحبه ببطء. هذا المشهد هو أحد أجمل مشاهد الفيلم في تصويرها والفكرة وراءها، فها هو الأب في قمة حزنه ويأسه وقد فقد الشيء الوحيد الذي يضمن له عمله وبالتالي توفيره للقمة العيش لابنه وزوجته ولكنه لا يتردد في توفير لحظة فرح وحيدة وصادقة مع ابنه. يبحث الأب عن الدراجة في أغلب مشاهد الفيلم بصحبة ابنه، وهذا يكوّن لدى المشاهد تصور حول علاقة الإثنين ببعضهما، فكل ابن في عمر بطلنا الصغير برونو يرى أباه بنظرة الحامي وصاحب القوى الخارقة والذي يستطيع أن يفعل أي شيء لإسعاده، ولكن برونو يكتشف مع تقدم الفيلم عجز أباه وقلة حيلته، وهذا اكتشاف مروع وصادم لكل الأطفال، ولكنه ما يريد المخرج فيتيوريو دي سيكا إبرازه من خلال هذا الفيلم، وهو كدح الطبقات الفقيرة وتصادم المفاهيم عندهم بالمقارنة مع المفاهيم النمطية للمجتمعات المتوسطة أو الغنية. لن أذكر بالطبع تفاصيل المشهد النهائي، ولكن يكفي أن أقول أنه من بين أكثر المشاهد التي احتلت مساحة من تفكيري لأيام بعد مشاهدة الفيلم، وإن لم يحتوي الفيلم على أي مشهد آخر لكفاه. بالإضافة إلى عمق معاني الفيلم، فإن موسيقاه تضفي جمالاً من نوع آخر إلى الفيلم، هي أيضاً من بين العناصر التي لا تُنسى.
دراجة ووظيفة: شيئين ربما لن نستطيع الربط بينهما، وصراع ربما لن يفهمه الكثير، ولكن هذا من بين مهام السينما، وقد نجح فيتيوريو دي سيكا نجاحاً مبهراً في إبراز ذلك، والدليل على ذلك هو استمرار وجود الفيلم بين قوائم أفضل الأفلام التي صنعت على مدى التاريخ سواء بين النقاد أو هواة الأفلام أو حتى صانعي الأفلام، ولا ريب من ذلك لأنه يمس روح الإنسان وقلبه في كل العصور ولكل الأعمار.


وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?v=jlhZbZy-jq0
موسيقى الفيلم مع بعض لقطات الفيلم..

_____________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية، بتاريخ 18 سبتمبر، 2012

"راشومون".. المفهوم النسبي للحقيقة


بطاقة الفيلم:
راشومون (1950)
اللغة: اليابانية
إخراج: أكيرا كوروساوا
بطولة: توشيرو ميفيون، ماتشيكو كيو، تاكاشي شيمورا
الجوائز والترشيحات: فاز بجائزة الأوسكار الفخرية عن فئة الأفلام الأجنبية، وترشح لجائزة البافتا، كما فاز بجوائز أخرى في مهرجان الشريط الأزرق، ومهرجان البندقية السينمائية وغيرهم.

"ما الحقيقة؟!"
هو السؤال الأزلي للفلاسفة والمفكرين والباحثين، هو سؤال محمود درويش حين كان يمشي في جنازة الشخص الغريب، هو السؤال الذي يدعونا الله إلى البحث عن إجابته حتى نصل إلى اليقين (وهل من يقين ما عدا الموت؟!). هو أيضاً، بالإضافة إلى كل ذلك، السؤال الذي لا يخرج من دائرة تفكيرنا حين نشاهد فيلم "راشومون" وحتى بعد مشاهدته لأيام ربما، يطاردنا ويباغتنا حتى نقتنع أن الحقيقة مفهوم نسبي وغير مطلق، فحقيقتي مختلفة عن حقيقتك كما هي مختلفة عن حقيقتهم.
فيلم "راشومون" من إخراج المخرج الياباني القدير "أكيرا كوروساوا" الذي عُرف بتكنيكاته المختلفة ومجازفاته الإخراجية وأفلامه التي تحمل دوماً طابعها الخاص. "راشومون" من كلاسيكيات السينما فهو من إنتاج سنة 1950 ويُعتبر الحجر الأساس لكثير من تكنيكات الإخراج التي يستعملها المخرجون إلى اليوم. ومثل معظم المخرجين الكبار الذي ترتبط أسماءهم دوماً باسم ممثل معين في أفلامهم، ارتبط اسم كوروساوا بالممثل الياباني توشيرو ميفيون، الذي مثّل دور المتهم قاطع الطريق في فيلم "راشومون" – خامس عمل بينهما.
القصة بكل بساطة هي: أربعة أشخاص مختلفين، يسردون روايات مختلفة لحدث واحد حصل في الغابة، وهو جريمة قتل (أو انتحار) محارب ساموراي واغتصاب زوجته (قسراً أو طوعاً). تدور أحداث الفيلم في ثلاثة أماكن رئيسية، المكان الأول الذي هو المكان الحاضر، هو تحت سقف بوابة راشومون في يوم ماطر، المكان الثاني الذي هو في الماضي هو الغابة التي تحصل فيها الجريمة، والمكان الثالث الذي هو أيضاً حدث ماض هو ساحة المحكمة التي تُسرد فيها أحداث الجريمة من قبل الشهود والمتهم والمجنى عليهم. يبدأ الفيلم بمشهد رجلين تحت سقف بوابة راشومون يحتمون من المطر الشديد، يستفتح أحدهم الحوار وهو قاطع أخشاب ويقول للثاني وهو كاهن: "لا أفهم حقاً ما جرى، لا أفهم"، ثم يلحقهم بعد لحظات رجل من عامة الشعب أتى ليحتمي هو أيضاً من المطر، فيبدأ قاطع الأخشاب بسرد ما جرى عن طريق الفلاش باك قبل يومين في ساحة المحكمة. يبدأ المتهم الأول في قضية القتل وهو قاطع طريق بسرد ما حدث أمام القاضي، ثم تسرد الزوجة روايتها المختلفة جداً عن رواية المتهم، ثم يستدعي القاضي الزوج المقتول روحانياً ليسرد هو بدوره مجريات الجريمة التي تختلف أيضاً بشكل جذري عن الروايتين الأوليتين. أيهم الصادق؟ أو فلنقل، أيهم الأقرب إلى الحقيقة؟ قد يبدو هذا السؤال سهل الإجابة إن وجه كل واحد منهم إصبع الإتهام إلى الثاني، ولكن ما جعل القصة أكثر تعقيداً هو أنهم كلهم يعزون السبب وراء موت محارب الساموراي إلى أنفسهم – إذاً وبمعنى آخر، لا يوجد سبب اعتيادي يدفعهم إلى الكذب بغرض الدفاع عن أنفسهم. هنا مكمن الدهشة في الفيلم، فهو يناقش مسألة الوعي والإدراك من وجهة نظر ذاتية بحتة، فكأنه يرسل رسالة إلى المشاهد مفادها "لا توجد حقيقة مطلقة، الحقيقة تعتمد على مدى إدراكك بها فقط، وحقيقتك ليست حقيقة غيرك" يُقال أن حتى ممثلي الفيلم ظلوا يسألون كوروساوا عن "حقيقة" ما حدث، ولكنه ظل يقول أن هذا ليس فحوى الفيلم، بل هو رحلة استكشاف لحقائق متعددة، بدلاً من أن يكون عرضاً لحقيقة أحادية.
العامل الآخر الذي يبعث على الدهشة والإعجاب في الفيلم هو اختلاف شخصياته باختلاف الروايات، فهو يعرض كل شخصية حسب ما ترى نفسها، ثم حسب ما يراه الآخرون – وفي هذه الحالة، لكون وجود ثلاث روايات مختلفة، حسب ما يراه ثلاثة أناس آخرون. فمثلاً، إن تناولنا شخصية الزوجة، فهي حسب روايتها ضعيفة لا حول لها ولا قوة وشديدة التأثر وسريعة البكاء، وحسب رواية المتهم قاطع الطريق فهي قوية وشديدة وتستطيع الدفاع عن نفسها، وحسب رواية زوجها المقتول هي خائنة ومستبدة وآثمة، وحسب رواية قاطع الأخشاب الذي شهد الجريمة هي تجمع بين صفة القوة والضعف (وهذه النظرة قد تكون أكثرهم موضوعية ولكنها غير مستثناة من كونها حقيقة نسبية). هذا كله يجعلنا نتسائل في مدى موضوعية ونزاهة آراؤنا في أنفسنا، هل نرى أنفسنا بنظرة الإيجو التي ترفض سلبياتنا؟ هل نستطيع التحدث عن أنفسنا بغير تجميلها؟ ربما الحال مثلما يقول ذلك الرجل المستمع للروايات المختلفة في الفيلم: "يصعب على الإنسان أن يقول الحقيقة، حتى لنفسه".
فيلم "راشومون" فيلم استثنائي عالمي لأنه يصلح لجميع الأعمار والفئات ورغم كلاسيكيته إلا أنه لا يزال يبهر الأجيال الجديدة في ذكاءه وبراعة السيناريو والإخراج. الملاحظ السينمائي الدقيق سينتبه على تكنيكات الإضاءة وتحريك الكاميرا والموسيقى وكافة العوامل الأخرى في علم التصوير السينمائي، أما المشاهد الاعتيادي فستبهره قصة الفيلم وتمثيل الممثلين وذكاء السيناريو. في كل الأحوال، هو حتماً فيلم يستحق المشاهدة من جميع الجوانب، ليرجعنا بين كل حين وآخر إلى مفهوم الحقيقة ويجعلنا نتفكر ونتأمل به.

_______________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية بتاريخ 11 سبتمبر، 2012

"84، شارع تشيرينج كروس"... رحيق لفراشات الكتب!


بطاقة الفيلم:
84، شارع تشيرينج كروس (1987)
اللغة: الإنجليزية
إخراج: ديفيد هيو جونز
بطولة: آنثوني هوبكينز وآن بانكروفت
الجوائز والترشيحات: فاز بجائزة البافتا لأفضل ممثلة، وبجائزة أفضل ممثل لمهرجان موسكو السينمائي

إلى جميع عشاق الأدب، وملتهمي الكتب... قد تستغربون إذ أن هذا النداء لا يليه في العادة إلا دعوة إلى معرض كتاب أو إعلان افتتاح مكتبة، وأنتم تعلمون أن هذه مقالة سينمائية، ولكن فيلم هذا الأسبوع "84، شارع تشيرينج كروس" هو بالضبط لهذه الفئة من الناس، وسوف نكتشف في السطور التالية السبب وراء ذلك.
"لقد قال لي صحفي منذ زمن أن السياح يذهبون إلى انجلترا بأفكار مسبقة، لذا هم دائماً يجدون ما يريدونه هناك، فرددت عليه قائلة: "إن ذهبت أنا إلى انجلترا، فسأبحث عن انجلترا الأدب الإنجليزي" فقال لي إذا ستجدينه بالضبط كما تريدين" – هيلين هانف
فيلم "84، شارع تشيرينج كروس" هو من إخراج ديفيد هيو جونز ومقتبس عن مسرحية مقتبسة عن رواية لهيلين هانف. الرواية المقتبسة عن قصة حقيقية مكتوبة بشكل سلسلة من الرسائل بين الكاتبة الأمريكية وصاحب مكتبة بريطاني اسمه فرانك دويل. تبحث الكاتبة عن مجموعة نادرة من الكتب الأدبية التي يصعب الحصول عليها بسعر منخفض في الولايات المتحدة، ثم تنتبه إلى إعلان في جريدة عن مكتبة في بريطانيا تبيع كتب نادرة وأثرية مستعملة، فتراسل المكتبة مرفقة مع رسالتها قائمة بـ"أكثر مشاكلها إلحاحاً" وهي تقصد بذلك أكثر الكتب التي تريدها بشدة، ولحسن الحظ تجد غايتها في هذه المكتبة ثم تبدأ سلسلة مراسلات بينها وبين صاحب المكتبة تتمخض على إثرها صداقة تدوم لـ 20 عاماً... صداقة بريدية على الورق والقلم، وبمعية الكتاب الأدبي دائماً.
يعتمد الفيلم على فكرة الحد الأدنى للمكان وللشخوص، فهو بالكاد ينتقل بين المكتبة في بريطانيا وشقة هيلين في نيويورك، كما أنه لا يتعدى حدود الشخصيتين الرئيسيتين بالإضافة إلى بعض أصدقائهما حولهما. وهو أيضاً يعتمد بشكل كبير على السرد لا الحوار، لأنه يدور بين قارتين وسيلة التواصل الوحيدة بينهما هي المراسلة! فنرى هيلين في نيويورك تكتب لفرانك وتقرأ رسالتها بصوت عالِ، ثم يرد عليها فرانك بنفس الطريقة – موجهاً نظره نحو عدسة الكاميرا وكأنها هيلين ويخاطبها عبر رسالته (وهنا يتجلى ذكاء الإخراج إذ لم يتقيد بأسلوب واحد لإيصال فكرة الرسائل). لا يوجد صراع حقيقي في الفيلم، وحتى مواضع المأساة، مثلاً، لم تصوّر بتلك الدرجة من الحدة بل صوّرت على أنها تكملة اعتيادية لمجريات القصة. ورغم أن علاقة الشخصيتين ببعض قد تُفهم على أنها علاقة رومانسية، إلا أننا بإمكاننا اعتبارها علاقة حب عذري لبعد المسافات بينهما ولعدم الإشادة بذلك صراحة في الفيلم – أراه كحب ناتج عن الاهتمامات المشتركة أكثر من أن يكون عشقاً وولهاً. كما أننا نرى تفاوت الشخصيتين واختلافهما فهذا صاحب مكتبة تكاد تكون حياته كلها رسمية وجادة، وهذه كاتبة عفوية في رسائلها وتحب المرح والدعابة، ويمثل تباينهما الاختلاف النمطي بين الشعبين البريطاني والأمريكي، وهذا واضح وجلي في الرواية كما هو في الفيلم. ولكنهما يلتقيان في نقطة واحدة وهي عشقهما اللامتناهي للأدب وكلاسيكيات الأدب الإنجليزي – روائياً وشعرياً. كل تفاصيل الفيلم هذه، قد يجعل المشاهد يتسائل، ألن يكون فيلماً مملاً؟! إن كنتَ من هواة أفلام الإثارة ولا تطيق صبراً على المشاهد الحوارية فلا أنصحكَ بمشاهدة هذا الفيلم، وإن كنتِ من هواة أفلام الرومانس والدراما التي تنتهي دوماً بـ "وعاشا سعيدين معاً" فلا أنصحكِ أيضاً بمشاهدة هذا الفيلم. فهو مختلف.
عندما شاهدتُ الفيلم أول مرة، كان ذلك في الجامعة قبل ما يزيد عن السنة، فبعد قراءتنا للرواية المكتوبة على هيئة رسائل، أراد لنا البروفيسور عبدالسلام البهبهاني أن نشاهد الفيلم. وهنا أغتنم الفرصة لأوصل شكري وعظيم امتناني له لتعريفي على مثل هذا العمل الرائع، ولكل ما قدمه لي من علم طوال سنين الجامعة. أول ردة فعل لي كانت "آنثوني هوبكينز... هانيبال لكتر؟! ذلك السيكوباتي السادي المضطرب عقلياً يمثل دور صاحب مكتبة بريطاني بشخصية جادة؟!" لم أستطع تخيل ذلك ولكن تبين لي أنه أتقن دوره وبجدارة وما زلتُ إلى اليوم أرجع إلى أحد مقاطع الفيلم في اليوتيوب حين يقرأ فرانك قصيدة ويليام بتلر ييتس: "هو يتمنى أثواب الجنة" – وذلك لإتقانه قراءة القصيدة ولكون القصيدة محببة إلى نفسي. الفيلم مليئ لمحبي الأدب بنقاشات حول مواضيع أدبية عديدة لعظماء الأدب الإنجليزي من أمثال ويليام بتلر ييتس وجون دون وجيفري تشوسر وهوريس وغيرهم. هو حتماً فيلم لمدمني الكتب والأدب... أو – مصطلح أحب استعماله – لفراشات الكتب!



وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?v=lNeq7Dakv_k
قراءة فرانك دويل لقصيدة ويليام بتلر ييتس "هو يتمنى أثواب الجنة"..
_________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية بتاريخ 2 سبتمبر، 2012

"زوربا".. ألم الفشل الذي لا يخففه سوى الرقص والموسيقى


بطاقة الفيلم:
زوربا اليوناني (1964)
اللغة: الإنجليزية
إخراج: ميهاليس كاكوجيانيس
بطولة: آنطوني كوين وآلان بيتس
الجوائز والترشيحات: فاز بثلاث جوائز أوسكار ورشح للعديد من الجوائز الأخرى

آلكسيس زوربا: إني أقدرك كثيراً يا سيدي إلى درجة أني لا أستطيع أن أكتم ما علي قوله، لديك كل ما يحتاجه الإنسان ما عدا شيء واحد: الجنون! يحتاج الإنسان إلى قليل من الجنون وإلا...
باسيل: وإلا ماذا؟!
آلكسيس زوربا: لن يتجرأ أبداً أن يقطع الحبل الذي يقيده... ويتحرر!

لربما الإقتباس أعلاه يلخص للمشاهد فكرة فيلم "زوربا اليوناني" بأكمله وشخصية زوربا المحبة للحياة والحرية. الفيلم من إخراج ميهاليس كاكوجيانيس وهو مقتبس عن رواية نيكوس كازنتزاكيس الشهيرة، وهنا من الممكن أن نطرح قليلاً عن جدلية الفيلم والرواية، فليس كل رواية ناجحة من الممكن أن تتحول إلى فيلم ناجح، كما في حالة رواية وفيلم "الحب في زمن الكوليرا" للروائي الشهير جابرييل جارسيا ماركيز، ولربما أكثر ما جعل الفيلم مقبولاً هو تمثيل خافيير باردم فقط، وفيما عدا ذلك فالرواية تتفوق بمراحل على الفيلم من ناحية السرد وعنصر التشويق وغيرها من الأمور. وفي أحيان أخرى، ربما في أحيان قليلة، يكون الفيلم ناجحاً بنفس مستوى الرواية ويستطيع أن يحدث التأثير ذاته، وهذا في حالة رواية وفيلم "أن تقتل عصفوراً محاكياً" للكاتبة هاربر لي الذي حقق انتشاراً واسعاً وجمهوراً معجباً على المستويين، وكما في حالة فيلمنا لهذا اليوم أيضاً.
يحكي فيلم "زوربا اليوناني" عن كاتب ومثقف بريطاني الجنسية من أصول إغريقية اسمه باسيل يقرر السفر إلى "كريت" لأن والده يمتلك قطعة أرض هناك وينوي استثمارها وتحويلها إلى منجم للفحم، وليستثمر وقته فيما قد يجلب له المال بدلاً من انتظار وحي الكتابة الذي انقطع عنه منذ زمن. يلتقي في الميناء وهو يقرأ "الكوميديا الإلهية" لدانتي برجل غريب الأطوار اسمه آلكسيس زوربا الذي يقنعه بتوظيفه لأنه طباخ ماهر وقد عمل في منجم منذ زمن. يُعجب باسيل بشخصية هذا الرجل ورغم أنه لم يكن متأكداً أنه سيستطيع مساعدته بالفعل كما يزعم إلا أنه قرر أخذه معه في رحلته إلى كريت. وهكذا يذهبان معاً إلى كريت ويسكنان في شقة تابعة لعجوز فرنسية أرملة اسمها مدام هورتينس، ويلقبها زوربا "بوبولينا"، وتسري الأحداث في هذه القرية الصغيرة في كريت بين زوربا وباسيل وبوبولينا وعمّال المنجم مع حدوث تطورات عديدة في الفيلم أتركها للمشاهد ليتمتع باستكشافها وحده.
شخصية زوربا مثيرة للإعجاب حقاً، فكل من شاهد الفيلم أو/و قرأ الرواية، لا بد وأن يطمح إلى أن يشبه زوربا ولو بالشيء القليل، فهو محب للحياة ومرح ويعتبر الجنون أمراً ضرورياً ويرقص في لحظات الحزن والمأساة قبل الفرح، يرقص رقصته الشهيرة تلك التي أصبح يضرب بها المثل حين يتحدث أي شخص عن الرقص اليوناني. في حين أن شخصية باسيل هي على النقيض تماماً، فهو ذلك الرجل العقلاني والكاتب الشاعري الذي يفكر كثيراً ويحزنه حال الكثير من الأمور، ويتريث قبل أن يقدم على فعل أي شيء فيحده حذره وخوفه. كأنهما يمثلان آلهة الإغريق أبناء زيوس أبولو وديونيسيوس، وهذه نظرية معروفة لمن درس الأدب والفلسفة، بدأها الفيلسوف الألماني نيتشه في كتابه "مولد التراجيديا" الذي يورد فيه أن اتحاد ابولو وديونيسيوس هو ما يوّلد الآداب والفنون التراجيدية، فإن اتحد هذين الإلهين الذي يمثل كل منهما طباع نقيضة، ولد الأدب والفن والتراجيديا. وهذا بالفعل هو حال فيلم زوربا، فاتحاد زوربا الذي يمثل ديوينسيوس إله الجنون والنشوة والفرح وباسيل الذي يمثل أبولو إله المنطق والعقل والشعر هو ما جعل هذا العمل الروائي والسينمائي مميزاً ومحبباً ومؤثراً لدى الكثير من الناس.
أشبه فيلم زوربا بقصيدة غنائية تتحدث عن الحياة، ولربما "رباعيات الخيَّام" بصوت المغني الفارسي محمد رضا شجريان هو أقرب ما توصلت إليه وما يشابه الفيلم وفكرته، فهو أنشودة في معنى الحياة وفلسفة الفرح، وإن تخلل هذا الفرح شيء من حزن الموت ومرارة الفقد وأسى الفشل – كما يحدث في الفيلم – فربما الرقص على طريقة زوربا كفيلة بتخفيف ولو بعض الألم.


وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?v=jeNsr_nQEfE
رقصة زوربا الشهيرة..

http://www.youtube.com/watch?v=j2W2lubMaXw
تأثير الفيلم ورقصة زوربا في إحدى مدن اليونان.. أنصح بمشاهدة الفيديو، ملهم جداً..
___________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية، بتاريخ 28 أغسطس، 2012

"وال-إي".. لكي لا يصبح أحفادنا كائنات كسولة وثرثارة!


بطاقة الفيلم:
WALL-E (2008)
اللغة: الإنجليزية
إخراج: آندرو ستانتن
بطولة: بين بيرت، إليسا نايت، جيف كارلين
الجوائز والترشيحات: فاز بجائزة أوسكار في فئة أفضل فيلم رسوم متحركة، وبجائزة الكرة الذهبية في نفس الفئة، وفاز أيضاً بجائزة فيلم السنة في حفل توزيع جوائز معهد الفيلم الأمريكي (AFI)

المشهد الأول: في عام 2805 مستقبلاً، تبدو الأرض بالرغم من كثرة ناطحات السحاب وتوفر كل وسائل الراحة التكنولوجية، غير صالحة للعيش، فالنفايات ممتلئة في كل مكان، والتربة مسممة، والنباتات اختفت.
المشهد الثاني: في عام 2805 أيضاً، سفينة فضائية تحمل كل سكان الأرض، يتحركون بواسطة كراسي طائرة حتى فقدوا قدرتهم على الوقوف وأصبحوا مفرطين في البدانة والكسل، يأكلون ويثرثرون طوال الوقت، وتتحكم في معيشتهم روبوتات مطورة.
تكاد التكنولوجيا تستحوذ على حياتنا حتى أصبحنا نظن أننا لا نستطيع العيش من غيرها، أن حياتنا ستتوقف ومشاريعنا ستتعطل إن لم يكن معنا جهاز الآيفون أو الجالاكسي. فمن بعد ما كانت الأرض في القدم تمشي على رتم بطيء متناغم مع رتم الطبيعة، وكانت وسائل الاتصالات محدودة ووسائل توفر المعلومات مقتصرة على الكتب، أصبح التواصل يتم في أقل من دقيقة بين من يعيش في أقصى شرق الكرة الأرضية، ومن يعيش في أقصى غربها. هذا مما لا شك فيه يسهل العديد من الأمور ويفتح باباً لا يُغلق حول مدى التطور التكنولوجي الذي وصلنا إليه، ولكننا بحاجة من وقت إلى آخر إلى خفض السرعة – ليس تجنباً للحوادث فحسب، بل لنقترب أكثر إلى بعضنا البعض ولنحقق بذلك تناغماً بيئياً مع الأشياء من حولنا.
هذا هو ما نستخلصه من فيلم التحريك "وال-إي"، من إنتاج شركة بيكسار. حاز الفيلم على جوائز عديدة، وقد حاز – على غير العادة – على إعجاب جميع النقاد والمشاهدين (نظراً للفجوة القائمة عادة بين الأفلام التي تحوز على إعجاب النقاد ولا تعجب الجماهير، والعكس). إذاً هو فيلم للجميع، نقاداً وجماهير، صغاراً وكباراً، نساءاً ورجالاً. وأستطيع أن أقول بثقة، أنه حتماً من أجمل أفلام التحريك. ما الذي يجعلنا نُعجب بهذا الفيلم إلى هذا الحد؟!
في عام 2105، قرر سكان الأرض الهرب إلى الفضاء لأن الأرض أصبحت غير آهلة للعيش نظراً لكثرة النفايات والبيئة الملوثة. تركوا ورائهم روبوتات مصممة للتخلص من النفايات، فهي تجمع النفايات، وتضعهم داخل بطنها – إن اعتبرنا أن لها بطوناً – ويضغطون عليها حتى تصبح أصغر حجماً على هيئة مكعب، ثم يضعونها في أكوام مكومة أصبحت كناطحات السحاب في طولها ومن فرط النفايات. بعد مرور 700 سنة، وفي عام 2805 لم يتبقى من هذه الروبوتات المسماة "وال-إي" إلا واحد استطاع أن ينجو لأنه طوّر نفسه بحيث استعمل قطع من النفايات لترميم أي عطل يصيبه. وال-إي يعيش حياة روتينية، فهو مبرمج ليصحو صباحاً ليجمع النفايات اللامتناهية، ثم يرجع ليلاً إلى ما يمكن اعتباره منزله لينام بعد أن يتأمل في ممتلكاته الشخصية التي هي عبارة عن نفايات مميزة جمعها طوال الـ700 سنة. تعوّد سكان الأرض أن يرسلوا كل سنة روبوت مصمم للبحث عن أي أثر نباتي للحياة في الأرض، فهم يأملون أنه حالما تجد هذه الروبوت أي نبات، ستصبح الأرض مؤهلة للعيش وسيرجعون من منفاهم الفضائي. وصدفة، يجد وال-إي قبل مجيء هذه الروبوت المسماة "إيفا" نبتة صغيرة بين كومة النفايات، فيحتفظ بها مع كنوزه الأخرى. ومع تطور الأحداث، وفي مغامرة ستغير من مجرى الحياة، يذهب وال-إي مع إيفا إلى السفينة الفضائية لنشهد لأول مرة في الفيلم كائنات ناطقة باللغة الإنجليزية – كائنات بدينة كسولة ثرثارة هي بقايا إنسان.
هناك العديد من العوامل الجذابة في الفيلم التي تجعله من أجمل أفلام التحريك، فالكلام والحوار قليل مما يمكّن حتى غير الناطقين باللغة الإنجليزية من مشاهدة الفيلم من غير حاشية مترجمة، وفهمه. فاللغة هنا غير معترف بها كحاجز بين الإنسان والآخر. هناك أيضاً طريقة الإخراج البديعة التي اهتمت بتفاصيل صغيرة لها الأثر العظيم، فمثلاً، وال-إي لا يملك فماً للكلام، بل يملك عينين كبيرتين تعمل كأداة كاميرا، وقد أبدع فريق إنتاج الفيلم في تصوير هاتين العينين فمن خلالهما نفهم مشاعر وال-إي ونعرف متى يحزن ومتى يحب ومتى يفرح، حتى أصبحنا نظن أنه – وهو الروبوت الآلي المبرمج – أقرب إلينا من سكّان السفينة الفضائية. وهناك أيضاً موسيقى الفيلم الجميلة التي تجمع بين صفة الخيال العلمي والسحر والجمال، وأصنفها شخصياً من بين أجمل ما سمعت في موسيقى الأفلام، خصوصاً في ذلك المشاهد الساحر الذي يرقص فيه وال-إي في الفضاء بمساعدة طفاية الحريق مع إيفا. حتى طريقة عرض أسماء القائمين على العمل نهاية الفيلم استثنائية وبديعة فقد حكت قصة الإنسان والأرض باستخدام مختلف الفنون التي عرفها الإنسان مثل الفسيفساء، وطريقة رسم الفراعنة، وأسلوب فان جوخ، وغيرها.
يبين لنا "وال-إي" أن نبوءة تي إس إليوت في رائعته "الأرض الخراب" قد تتحقق بعد حوالي 800 سنة من الآن، مثلما تحققت نبوءة الرسام الفرنسي فيلمارد عندما رسم سلسلة رسومات عام 1910 تنبأ بحال الأرض في الألفية الثانية، وبخيال واسع، تنبأ فعلاً بالكثير مما يحدث اليوم. فلنعمل إذاً حتى لا يصبح أحفادنا من بعدنا كائنات بدينة كسولة وثرثارة.


وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?v=PB9FltZf_70
طريقة عرض أسماء القائمين على الفيلم..

http://www.youtube.com/watch?v=P8sUVhR7xjE
رقصة وال-إي وإيفا مع موسيقى الفيلم..
_____________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية بتاريخ 25 أغسطس، 2012

"كليو".. هل يشفع الجمال أمام الموت المتربص؟!


بطاقة الفيلم:
كليو من الساعة الخامسة إلى السابعة (1962)
اللغة: الفرنسية
إخراج: آنيس فاردا
بطولة: كورين مارتشاند، آنطوان بورسيلير، دومينيك دافري

تنعم بكل مظاهر الرفاهية والترف، قبعة من صوف، سرير فاخر بوسائد من ريش، قطط مدللة، أرجوحة معلقة في غرفتها.. هي المغنية الفرنسية الشهيرة كليوباترا فيكتوري، "كليو" اختصاراً. وهي من تحدث نفسها في المرآة: "القبح نوع من أنواع الموت" ثم تبتسم فخراً لأنها جميلة، إذاً هي لن تموت.
فيلم "كليو من الساعة الخامسة إلى السابعة" من إخراج المخرجة الفرنسية آنيس فاردا، وهي تُعتبر من روّاد الموجة الفرنسية الجديدة – جنباً إلى جنب مع جان لوك جودار وفرانسوا تروفو وغيرهم – والتي جاءت تمرداً على كلاسيكيات السينما السردية بتكنيكات راديكالية في الإخراج، والتنفيذ، وطريقة السرد التي تفضي بالعادة إلى نهاية مفتوحة بأسئلة من غير أجوبة.
تصوّر لنا آنيس فاردا حياة كليو خلال ساعة ونصف قبل أن تعلم نتائج اختبار طبي لمرض السرطان أجري لها قبل مدة ، فهي تزور عرّافة لتقرأ لها مستقبلها، ثم تتجول في شوارع باريس تشرب القهوة وتندب حظها، ثم تقرر شراء قبعة من صوف بعدما جربت أنواع القبعات المختلفة، وتتدرب على أغنية جديدة لها مع صديقها كاتب الكلمات، وتلتقي بحبيبها ثم صديقتها، وتتحدث مع سائق التاكسي... هو فيلم مغرق بالتفاصيل خلال ساعة ونصف من حياة كليو، فهو لا يستخدم الزمن الافتراضي المسرّع مثل معظم الأفلام، بل يستخدم الزمن الحقيقي – فساعة ونصف من حياة كليو يقابله ساعة ونصف من مدة الفيلم.
يناقش الفيلم ثيمات حول فلسفة الوجود والفناء ومعنى الحياة، ويصور كل ذلك عبر أحاديث كليو مع نفسها أو مع الناس من حولها، أو حتى باستخدام بعض التكنيكات البصرية في الإخراج. فمثلاً، المرايا صورة بصرية رمزية تتكرر كثيراً طوال الفيلم، المرايا التي تعكس وجه كليو وشعرها وعينيها – إذ أننا نرى مجمل الفيلم من وجهة نظر كليو الشخصية البحتة. تكرار استخدام المرايا في أكثر من مشهد يكرس مفهومين، النرجسية وفهم الذات، وأظن أن المشاهد الأولية من الفيلم هي مشاهد لنرجسية كليو، في حين أن المشاهد الأخيرة هي في فهم الذات وتقبل مصيرها. وهذا هو التغيير الذي يطرأ على شخصية كليو من بداية الفيلم إلى نهايته، فهي تمر بعدة أمور في مجريات الفيلم مما يدفعها إلى تغيير طريقة تفكيرها من النرجسية والاستعلاء والسطحية إلى قهم أعمق لمعنى الحياة. وفي مشهد البداية، وهو مشهد بالغ الأهمية، حيث تذهب كليو إلى العرافة لتقرأ لها مستقبلها، يتم تصوير بطاقات اللعب التي تستخدمهم العرافة للتنبؤ بمستقبل كليو بالألوان، وحين تغير عدسة الكاميرا اتجاهها لتصور كليو بدلاً عن البطاقات مثلاً، ترجع الصورة بالأسود والأبيض. فمشهد البطاقات هو المشهد الملون الوحيد في الفيلم بأكمله – مما قد يعطي انطباعاً بأهمية القضاء والقدر، فالبطاقات تمثل المستقبل المرسوم والمكتوب مسبقاً.
تحاول كليو عبثاً الارتباط بمحيطها ومحاولة إيجاد من قد يفهمها، فبين مساعدتها التي تؤدي دورها في مواساتها ببرود، وحبيبها الذي يأتي لملاقاتها نادراً، وصديقتها التي تحبها ولكنها مأخوذة بمشاغل حياتها الخاصة – لا تدخل كليو في أي حوار حقيقي سوى في المشاهد الأخيرة للفيلم حين تلتقي بـ"آنطوان" ذلك الجندي الغريب في الحديقة، فكلاهما خائف من المستقبل، كليو من النتائج الطبية لتشخيص مرضها، وآنطوان من الرجوع إلى الجزائر لتأدية دوره كجندي في الحرب. كلاهما بطريقة ما، يقلقهما هاجس الموت، بمرض أو برصاصة. إذاً هل سيشفع لكليو جمالها أمام مرض السرطان؟ هل صوتها الشجي سيحميها من براثن المرض؟ أو ربما لو أعدنا صياغة السؤال بشكل آخر ونقول: هل تستطيع كليو التغلب على المرض بتحكمها في طريقة نظرتها للأمور؟ ربما لن نعلم ذلك أبداً، تماماً كجهلنا لمسار حياتنا وما قد يواجهنا طوال هذه الرحلة الطويلة، وما علينا سوى الثقة والمضي والحركة دوماً، ما علينا سوى محاولات متكررة لعدم التوقف.


وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?=1&v=JBxTVOxXSDA
أحد المشاهد الموسيقية في الفيلم..
_________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية، بتاريخ 7 أغسطس، 2012

"إنها لحياة رائعة".. على هذه الأرض ما يستحق الحياة!


بطاقة الفيلم:
إنها لحياة رائعة (1946)
اللغة: الإنجليزية
إخراج: فرانك كابرا
بطولة: جيمس ستيوارت، دونا ريد
الجوائز والترشيحات: رشح لخمس جوائز أوسكار، وفاز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل فيلم.
"ألا يبعث على الدهشة أن حياة إنسان واحد تمس العديد من الناس حوله؟ وعندما يغيب، فإنه يترك أثراً لا يُمحى، أليس كذلك؟" هذه الكلمات التي نطقها الملاك كلارينس ربما تلخص فيلم "إنها لحياة رائعة" الذي يعتبر من تلك الأفلام التي كلما شاهدتها أكثر، كلما أحببتها أكثر. هو فيلم لا يموت ولا يُمل منه لأنه ببساطة يحمل معاني عميقة عن الحياة تصلح لكل الأجيال وكل الأعمار. ربما تتلخص هذه المعاني في الحقيقة الواحدة التالية: وهي أن جميع البشر، بشكل أو بآخر، ومهما ارتفع أو قل شأننا ومالنا وعملنا، جميعنا لدينا القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في محيطنا. قد لا ندرك ذلك، ولكن هي أفعالنا الصغيرة وكلماتنا البسيطة التي تستطيع إحداث التغيير. الفيلم يرد على ذلك السؤال الذي طالما تردد على لسان الكثير من الناس: "كيف سيكون العالم لو لم أكن موجودا؟"
أراد طيلة سنين شبابه أن يخرج من مدينة بيدفورد فولز الصغيرة ليرى العالم من حوله، ليغامر ويعيش حيوات كثيرة، ولكن يمتنع بطل الفيلم جورج بيلي عن السفر لسبب أو آخر، مثل التزاماته العائلية ووظيفته في مؤسسة للقروض ورثها عن أبيه. ما لا يدركه جورج بيلي في لحظة يأس أن حياته رغم رتابتها وهدوءها قد أثرت على حياة الكثيرون من حوله – وهذا ما دعى الرب إلى إرسال الملاك كلارينس إلى جورج بيلي ليريه كيف كانت ستكون الحياة في تلك المدينة لو لم يلد.
يبدأ الفيلم بمشهد لطيف لأطفال جورج بيلي وهم يدعون الله أن يعين أباهم على تحمل مصابه، ثم ينتقل الفيلم إلى السماوات العليا حيث يقرر الملكين فرانكلين وجوزف أن يعيّنا الملاك كلارينس لإنقاذ جورج من الإقدام على الإنتحار، وحتى يتعرف كلارينس على جورج بيلي أكثر، يستعرض الملكين عليه شريط حياته. وهكذا يتعرف المشاهد على جورج بيلي الصغير الذي أنقذ أخاه الأصغر من الغرق وفقد نتيجة لذلك حاسة السمع في إحدى أذنيه، وعلى جورج بيلي الشاب الذي تمنى الدراسة في الخارج والتجوال حول العالم ولكنه يعطي هذه الفرصة لأخيه بدلاً منه، وعلى جورج بيلي زوج ماري وأب لثلاث أطفال ومالك مؤسسة قروض لإعمار المنازل.
يصف مخرج الفيلم فرانك كابرا هذا الفيلم بأنه الأقرب إلى قلبه، وكذلك جيمس ستيوارت يصف دوره في الفيلم بأنه أهم دور قدمه في حياته، وذلك مفهوم حين نرى الرسالة العظيمة والملهمة التي يحملها الفيلم بين ثنياته، وأكاد أجزم وأقول أن كل من شاهده، فهو على أقل تقدير يدخل ضمن قائمته الشخصية لأفضل 20 فيلم شاهده في حياته. ما يميز هذا الفيلم ويجعل كل من شاهده يحبه هو قدرته المذهلة على استخراج كل ما فينا من المشاعر المتناقضة، ففي المشهد الذي يقع فيه جورج بيلي وماري هاتش في حوض السباحة وهما يرقصان معا سنضحك كثيراً، وفي المشهد الذي يضرب فيه الصيدلاني جورج بيلي الصغير قد نبكي أو نشعر بالشفقة عليه، وفي مشهد آخر سنبكي فرحاً من التأثر. بعض المشاهد قد تكون مملة بعض الشيء في حين أن بعضها الآخر مثيرة إلى درجة أنك ستتحدث مع نفسك ترقباً لما قد يحدث، فهو بالفعل يأخذك في جولة مدهشة من المشاعر المختلطة. أما الذي ساعد في إثراء هذه الجولة بالإضافة إلى السيناريو المدهش فهو حتماً تمثيل جيمس ستيوارت الذي أدى دور جورج بيلي بجميع تجلياته وحالاته النفسية، فنحن نرى جورج الشاب المفعم بالحياة والمرح، وجورج البائس المقدم على الانتحار، وجورج المضحك والمشاغب، وجورج الغيور على أبيه، وجورج الرومانسي والحالم، كل ذلك في قالب بديع من شخصية جورج الإنسان الذي يحبه الجميع، إلى أن أصبح جورج بيلي إحدى الشخصيات التي تلهمني لإنسانيتها، جنباً إلى جنب مع شخصيات حقيقية أخرى كغاندي وتشي جيفارا وإدوارد سعيد وغسان كنفاني وغيرهم.
 عندما انتهيت من مشاهدة فيلم "إنها لحياة رائعة" لأول مرة، انتابتني نوبة امتنان عظيمة فكتبت أشكر أصدقائي على وجودهم في حياتي، أشكر الله على نعمه وأحمده، وأتفكر في نفسي وما فعلت وما قدمت في حياتي وفيما إذا كان لي أثر إيجابي أم لا. احتواء الفيلم على كل هذه القيم الجمالية تجعلنا نهب إلى فعل تلك الأشياء الصغيرة التي تسعد الناس حولنا وإن كانت بسيطة إلا أنها تترك أثراً طيباً، هو حتماً يلهمنا بأن نقدّر كل الأشياء الجميلة: "تردد إبريل، رائحة الخبز في الفجر، آراء امرأة في الرجال، كتابات أسخيليوس، أول الحب، عشب على حجر، أمهات تقفن على خيط ناي، وخوف الغزاة من الذكريات" كما ينشد محمود درويش في رائعته وننشدها نحن دوماً كلما غمرنا الإحباط "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".


وصلات خارجية:
http://www.youtube.com/watch?v=IQoXV6oCzsQ
الفيلم كاملاً لمن يود مشاهدته..
______

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية بتاريخ 1 أغسطس، 2012