شاهدتُ قبل عدة أيام الفيلم الياباني/السوفييتي "ديرسو أوزالا" للمخرج الياباني القدير أكيرا كوروساوا، ومثلما توقعت، كانت مشاهدة رائعة بحق.
الفيلم مقتبس عن مذكرات المستكشف الروسي فلاديمير آرسينيف، ويحكي عن صداقته بالصياد ديرسو أوزالا من السكان الأصليين لشعب الناناي في روسيا والذي عاش معظم سنين حياته في الأدغال.
هنا ثلاثة أسباب حسبما أرى لجمال هذا الفيلم وأهميته:
١) طبيعة الإنسان الجاهلة تجعله يحكم على كل من يعيش حياته بخلاف السائد بالبدائية وعدم التحضر، وكانت هذه الفكرة المسيطرة على العقلية الاستعمارية البريطانية والفرنسية. هذا الفيلم يرينا كم نحن مخطئون في أحكامنا! هذا الرجل الذي قد يبدو لنا من الوهلة الأولى بدائي وغير متعلم يعلمنا الفلسفة الحقة لاحترام الآخر والطبيعة والحيوانات، وقد أسترسل وأحكي عن الفروقات بين الايديولوجيات المسيطرة علينا من قبل دولنا والعقلية السائدة وتلك اللاممسوسة من قبل المجتمع، وعن العلاقة بين الإنسان والطبيعة، والإنسان والمدينة، وكل ذلك مستوحى من الفيلم، ولكن لن أفعل ذلك أولاً - وهذا هو السبب الأقوى - لأني أريد الاختصار قدر الإمكان، وثانياً لكي لا أفسد عليكم متعة مشاهدة الفيلم :)
٢) الصداقة التي تتشكل بين فردين من بيئتين مختلفتين تماماً جديرة بالتحليل والمناقشة. لا يعتمد الفيلم كثيراً على إثارة عواطف المشاهد مثلما قد نتوقع من فيلم يتحدث عن مشاعر نبيلة كالصداقة أو الحب، فعلاقتهم بسيطة وأحاديثهم قليلة ولكننا كمتابعون للأحداث التي تتطور ببطء نرى أثر هذه الصداقة على كليهما ونستشعر عظمتها عبر لحظات قليلة ولكنها مؤثرة.
٣) السينماتوغرافيا بكل تأكيد! تصوير الطبيعة بجمالها وقسوتها كان الأكثر إبداعاً هنا من بين الكثير من الإفلام التي شاهدتها قبلاً. رغم اختلاف الأساليب، ولكني استحضرت فيلمين مهمين كانا ربما في نفس مستوى هذا الفيلم من ناحية السينماتوغرافيا، وهما "الرسالة التي لم ترسل" لكالاتوزوف، و"آغير غضب الآلهة" لهتزوج. سأضع لاحقاً بعض الصور البديعة التي أخذتها من الفيلم.
السلبية الوحيدة على الفيلم، وربما أقول هذا لأني شاهدته وبي نعاس وحاجة للنوم، هو أني شعرت أنه طويل وبطيء، وتمنيت لو كان أقصر. نهايته، على العموم، بكل تراجيديتها وسخريتها السوداوية على الواقع جعلت ذلك محتملاً ومفهوماً.
تقييمي 9/10
وصلة الفيلم على الـIMDb:
http://www.imdb.com/title/tt0071411/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق