الاثنين، 6 أغسطس 2012

"12 رجلاً غاضباً" يميطون اللثام عن عنصرية أمريكا



بطاقة الفيلم:
12 رجلاً غاضباً (1957)
إخراج: سيدني لوميت
بطولة: هنري فوندا
الجوائز والترشيحات: ترشح لثلاث جوائز أوسكار، وفاز بـ 14 جائزة أخرى

12 رجال غاضبين، بلا أسماء، في غرفة واحدة، زمان واحد، وقضية واحدة يريدون التخلص منها بسرعة ليرجعوا إلى بيوتهم في أحد أيام الصيف الحارة. لديهم 12 قصاصة ورق، و12 فرصة للقتل.
فيلم "12 رجلاً غاضباً" يحكي قصة فتى من الإثنية الأقلية في أمريكا متهم بقتل والده. فيما عدا الدقائق الأولى والأخيرة، الفيلم كله يدور في غرفة هيئة المحلفين بين مجموعة رجال لا يعرفون بعضهم البعض ومستعدين لتحديد مصير الفتى سواء كان مذنباً أم بريئاً.
يبدأ الفيلم بدخولهم غرفة هيئة المحلفين وباقتراح أحدهم بالتصويت بشكل سري لجس النبض العام ومعرفة رأي الأغلبية في القضية. 11 منهم صوّت بأن الفتى مذنب دون أدنى شك، أما الرجل الثاني عشر، العضو رقم 8 من هيئة المحلفين وهو بطل الفيلم هنري فوندا، فقد قرر التصويت ببراءة الفتى، لا لشيء إلا لأنه أراد التحدث عن القضية قبل إبداء رأيه الذي قد يودي بحياة الفتى إلى الكرسي الكهربائي. المشاهد يعي في تلك اللحظة أنه أمام بطل عميق التفكير ومختلف عن الآخرين. وهو أيضاً مثلما وصفه العضو رقم 9 من هيئة المحلفين: "هذا الرجل وقف وحيداً ضدنا، ليس من السهل أن تقف وحيداً ضد سخرية الآخرين."
إذاً منذ البدء يرى المشاهد الشخوص المختلفة لأعضاء هيئة المحلفين، وهكذا يستمر الفيلم إلى النهاية بسلسلة نقاشات حول قضية الفتى تتضح من خلالها الكثير من الغضب المكبوت، والأسرار الخفية، والعنصرية المقيتة، والنمطية الاستعلائية.
فيلم "12 رجال غاضبون" يعتمد بشكل شبه كلي على براعة الممثلين وعبقرية السيناريو، أما بقية العناصر السينمائية الأخرى فهي تكاد تكون مختفية، فمثلاً مجمل الفيلم تم تصويره في غرفة واحدة، وثلاث دقائق فقط من مدة عرض الفيلم تم تصويره خارج غرفة هيئة المحلفين. قد يتسائل المشاهد ويقول "ألن يكون الفيلم مملاً هكذا؟" هنا تكمن عبقرية الحوار والتمثيل، إذ تمكن المخرج سيدني لوميت من خلال حبكة الفيلم من جذب المشاهد وجعله يستمر في قمة التركيز إلى نهاية الفيلم. يقوم أعضاء هيئة المحلفين بدرس تفاصيل قضية الفتى، من الدافع إلى الأدلة إلى الشهود والمكان والزمان، ولهذا لا يشعر المشاهد بالملل أثناء الفيلم إذ تتضح معالم القضية شيئاً فشيئاً إلى أن يصلوا، أعضاء هيئة المحلفين والمشاهد أيضاً، إلى حقيقة ما جرى.
يحكي الفيلم أيضاً عن النظرة النمطية لمختلف الإثنيات العرقية المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية. فالفتى المتهم بقتل أبوه هو من جنوب أمريكا، من بورتوريكا تحديداً، ولذا نشاهد طوال الفيلم وجهات النظر العنصرية التي تقرر مصير الفتى لمجرد أنه ليس من ذوي الجلد الأبيض وتربط عرقه بمختلف الجرائم. في إحدى الحوارات يقول العضو رقم 10 وهو الأكثر تطرفاً من بين جميع اعضاء هيئة المحلفين: "ألا تعلمون كيف يعيشون حياتهم؟ هؤلاء سكارى طوال الوقت، من الطبيعي أن يرتكبوا مثل هذه الجرائم.. هم هكذا، طبيعتهم هكذا.. عنيفة!"
الفيلم يستحق أن يُدرس من الناحيتين، الناحية النفسية والناحية الاجتماعية.
بالنسبة للناحية النفسية، فالفيلم يحتوي على كافة أنماط الشخصية المتعارف عليها في علم النفس، فهناك الهادئ المنطوي، وهناك شخصية القائد المستبد، وهناك شخصية المستمع الذكي، وشخصية اللطيف الساذج، وغيرها من الشخصيات التي تجلت بشكل عبقري في أعضاء هيئة المحلفين.
أما من الناحية الاجتماعية، فالفيلم يدرس التطور المجتمعي للمجتمع الأمريكي واحتواءه على مختلف الأعراق، كما أنه يدرس النظرة النمطية للأقليات والجنسيات الأخرى غير المنتمية إلى الجنس الأوروبي.
_____________

نُشر المقال في صفحة سينما، جريدة الرؤية، يوم 8-مايو-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق